ما فائدة الدراسة إذا كانت جميع المعلومات في غوغل؟

المدرسة لا تساوي غوغل

الدراسة ليست فقط لتجميع المعلومات.. كل شخص يستطيع الحصول على المعلومات في غوغل ولكن ليس كل شخص يستطيع فهمها واستيعابها بالطريقة الصحيحة، وليس كل شخص يستطيع التوصل إلى الكلمات المفتاحية التي يجد بها ما يبحث عنه.

المعرفة التي يكتسبها الطفل عن طريق الدراسة تعينه على توسيع دائرة تفكيره وتقوي مهاراته التحليلية، وقدرته على الاستنتاج، والتوصل إلى الحلول.

يحلو للبعض أن يقول: ما الذي استفدناه من الجغرافيا والتاريخ والإعراب والقصائد والأحياء؟ لن يسألونا في العمل عن هذه الأمور، وكأن الغرض من تعلم هذه الأمور أن أكون غوغل بشريًا!!

إن الاطلاع على هذه الأمور:

1- يطور قدرة الإنسان الذهنية.

2- ويوسع دائرة أفكاره.

3- ويمنحه مهارات التفكير والتحليل التي يستفيد منها في حياته اليومية في الكثير من المجالات حتى الاجتماعية منها والنفسية.

4- ويستفيد منها في تعامله مع المشكلات التي تواجهه.

فهذه المعرفة تفتح له آفاقًا جديدة في كل مجال.

ليس العقل الذي درس الجبر والاحتمال والتفاضل والتكامل والهندسة وجغرافيا العالم واقتصاده وتاريخ الدولة الأموية والعباسية والعثمانية والتاريخ الحديث للشرق وأوروبا وأفريقيا ومسببات الحروب وآثارها وخصائص العناصر الكيميائية وتفاعلات المواد وقوانين الفيزياء والكيمياء والشعر وقواعد الصرف والنحو والبلاغة و.الخ بنفس مستوى العقل الذي لم يطلع على شيء من هذه الأمور لأنه لم يدرس في المدرسة.

العقل كالعضلة يحتاج إلى التمرين الجدي والاطلاع والاكتساب والتحليل والحفظ، لكي يقوى ويصبح قادرا على التفكير العميق الذي يؤهله ليكون قائدًا مسؤولا في المستقبل.

نحن نشاهد هذه الفروقات كل يوم بين العقل الذي تعلم والعقل الذي لم يتعلم.

يا من تقول إنك لم تستفد شيئًا من المدرسة.. أرجو أن تقارن عقلك ومستوى تفكيرك مع من لم يتعلم ولم يحظ بالفرصة الذهبية للذهاب إلى المدرسة لتعرف قدر النعمة التي أنت فيها.

ولا نتكلم هنا عمن لم يذهب إلى المدرسة لكنه تعلم في البيت بجهد ذاتي، فهذا يفوق من يذهب ولا يبذل جهدًا.

وبالتأكيد نتكلم عمن يذهب للمدرسة ولا يدرس ولا يعرف ما يوجد في الكتب، فهذا بالتأكيد أقل عقلًا.

الأمثلة الحية كثيرة.

لا ننكرْ أهمية الدراسة ولا نستصغرْ أهميتها ونجحد فضلها.. لنعرفْ قدر النعمة ونشكرها لئلا تزول.

الحمد لله

البعض ينكر الفائدة على أساس سطحي جدا..

الفائدة ليست أن يسألني أحد في مسابقة معلومات عامة أو مقابلة دراسة عن تاريخ اندلاع الحرب العالمية الثانية فأتمكن من الإجابة.

الموضوع ليس بهذه السذاجة.

الفائدة هي أن توسيع المعرفة هي الطريق إلى تطوير العقل وطرق التفكير والتحليل وتوسيع آفاق الإنسان لتكون قادرة على العطاء والإبداع.

انظر من أعلى

كانت المعلومات محفوظة في المكتبات والموسوعات طوال التاريخ.. ويستطيع الطالب الاطلاع عليها عند الحاجة.. فهل هذا يعني أنه يستغني عن التعلم لوجود المعلومة في المكتبة؟؟ هل المعلومة الموجودة على الرف أو في كتاب في يدي تفيدني أصلا أو تطور من عقلي.. إذا لم تدخله ويستوعبها؟. هل قال أحد إنني أستغني عن التعليم لوجود المكتبة في بيتي؟؟ وقدرتي على البحث عنها ساعة أشاء؟؟

المعلومات التي نتعلمها ليست للحفظ ولا لنكون موسوعات ناطقة.. بل لنستفيد منها في عقلنا وتفكيرنا وحياتنا اليومية.. لنعيش بطريقة أفضل.. باطلاع أوسع.. بحكمة.. بنور.. بمعرفة..

غوغل لا يختلف عن المكتبات.. الفرق الوحيد أنه يستخرج المعلومة بصورة أسرع.

لن يتمكن شاعر من كتابة الشعر لوجود القواميس الإلكترونية وبحور الشعر في غوغل.

لن يتمكن مهندس من وضع الخرائط المتقنة لوجود قوانين الهندسة في غوغل.

لن يتمكن طبيب من عمله لوجود المعلومات الطبية في غوغل.

لن يتمكن الكهربائي من عمله لوجود قوانين الكهرباء في غوغل.

لن يستفيد أحد من المعلومات المخزنة ما لم يدرسها ويستوعبها ويحفظها في عقله.. ثم يبني عليها للتطوير والإبداع.

والتلقي من المعلم المتمكن هو في الغالب أفضل وأسرع من الدراسة الفردية.

من لا يصبر على التعلم في المدرسة في صغره.. كيف يصبر على التعلم حين يكبر.. قبل أن يضع للناس خريطة خاطئة لبيتهم.. أو يعالج الناس بناء على اعتقاده الشخصي لأنه لا يطيق الصبر على دراسة الأعراض والأمراض.

🌿🌿

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *